كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



و{ما} زائدة، و{هنالك} إِشارة إِلى بدر.
والأحزاب: جميع مَنْ تقدَّمهم من الكفار الذين تحزَّبوا على الأنبياء.
قال قتادة: أخبر اللهُ نبيَّه وهو بمكة أنه سيَهْزِمُ جُند المشركين، فجاء تأويلُها يومَ بدر.
قوله تعالى: {كذَّبَتْ قَبْلَهم قومُ نُوحٍ} قال أبو عبيدة: قَوْمٌ من العرب يؤنِّثون القوم، وقوم يذكِّرون، فإن احتُجَّ عليهم بهذه الآية قالوا: وقع المعنى على العشيرة، واحتَجُّوا بقوله: {كَلاّ إِنّها تَذْكِرَةٌ} [عبس: 11]، قالوا: والمُضْمَر مذكَّر.
قوله تعالى: {وفرعونُ ذو الأوتاد} فيه ستة أقوال:
أحدها: أنه كان يعذِّب الناس بأربعة أوتاد يَشُدُّهم فيها، ثُمَّ يرفع صخرة فتُلقى على الإِنسان فتَشْدَخُه، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وكذلك قال الحسن، ومجاهد: كان يعذِّب الناسَ بأوتاد يُوتِدُها في أيديهم وأرجُلهم.
والثاني: أنه ذو البِناء المُحْكَم، روي عن ابن عباس أيضًا، وبه قال الضحاك، والقرظي، واختاره ابن قتيبة، قال: والعرب تقول: هُمْ في عزٍّ ثابتِ الأوتاد ومُلكٍ ثابتِ الأوتاد، يريدون أنه دائم شديد، وأصل هذا، أن البيت من بيوتهم يثبتُ بأوتاد، قال الأسود بن يَعْفُرَ:
ولقد غَنُّوا فيها بِأَنْعَمِ عِيشَةٍ ** في ظِلِّ مُلْكٍ ثَابِتِ الأَوْتادِ

والثالث: أن المراد بالأوتاد: الجنودُ، رواه عطية عن ابن عباس، وذلك أنهم كانوا يَشُدُّونَ مُلكه ويُقَوُّون أمره كما يقوِّي الوَتِدُ الشيءَ.
والرابع: أنه كان يبني مَنارًا يذبح عليها الناس.
والخامس: أنه كان له أربع أسطوانات، فيأخذ الرَّجُلَ فيمُدُّ كلَّ قائمة إِلى أُسْطوانة فيعذِّبه.
روي القولان عن سعيد بن جبير.
والسادس: أنه كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يُلعَب له عليها، قاله عطاء، وقتادة.
ولمّا ذكر المكذّبين، قال: {أولئك الأحزابُ} فأعَلمنا أن مشركي قريش من هؤلاء، وقد عذِّبوا وأُهلكوا، {فَحَقَّ عِقَاِب} أثبت الياء في الحالين يعقوب.
{وما ينظرُ} أي: وما يَنتظر {هؤلاء} يعني كفار مكة {إلاَّ صَيْحَةً واحدة} وفيها قولان:
أحدهما: أنها النفخة الأولى، قاله مقاتل.
والثاني: النفخة الأخيرة، قاله ابن السائب.
وفي الفَواق قراءتان: قرأ حمزة، وخلف، والكسائي: بضم الفاء، وقرأ الباقون: بفتحها، وهل بينهما فرق أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنهما لغتان بمعنى واحد، وهو معنى قول الفراء، وابن قتيبة، والزجاج.
قال الفراء: والمعنى: مالها من راحة ولا إِفاقة، وأصله من الإِفاقة في الرضاع إذا ارتضعت البهيمة أُمَّها ثم تركتْها حتى تنزل شيئًا من اللَّبَن، فتلك الإفاقة، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العِيادةُ قَدْرُ فُواق ناقة» ومن يفتح الفاء، فهي لغة جيدة عالية، وقال ابن قتيبة: الفُواق والفَواق واحد، وهو أن تُحْلَبَ النّاقةُ وتُتركَ ساعةً حتى تُنزل شيئًا من اللَّبَن، ثم تُحْلَب، فما بين الحَلْبتين فواق، فاستعير الفواق في موضع المكث والانتظار.
وقال الزجاج: الفُواق ما بين حلبتَي النّاقة، وهو مشتق من الرُّجوع، لأنه يَعُودُ اللَّبَن إلى الضّرع بين الحَلْبتين، يقال: أفاق من مرضه، أي: رَجَع إِلى الصِّحَّة.
والثاني: أن مَنْ فتحها، أراد: مالَها مِنْ راحة، ومن ضمَّها، أراد: فُواق الناقة، قاله أبو عبيدة.
وللمفسرين في معنى الكلام أربعة أقوال:
أحدها: مالها من رجعة، ثم فيه قولان:
أحدهما: مالها من ترداد، قاله ابن عباس، والمعنى: أن تلك الصيحة لا تُكَرَّرُ.
والثاني: مالها من رجوع إلى الدنيا، قاله الحسن، وقتادة، والمعنى: أنهم لا يعودون بعدها إلى الدنيا.
والثاني: ما لهم منها من إفاقة، بل تُهْلِكهم، قاله ابن زيد.
والثالث: مالها من فُتور ولا انقطاع، قاله ابن جرير.
والرابع: مالها من راحة، حكاه جماعة من المفسرين.
قوله تعالى: {وقالوا ربَّنا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنا} في سبب قولهم هذا قولان:
أحدهما: أنه لمّا ذُكِر لهم ما في الجنّة، قالوا هذا، قاله سعيد بن جبير، والسدي.
والثاني: أنه لمّا نزل قوله: {فأمَّا مَنْ أُوتيَ كتابَه بيمينه} الآيات [الحاقة: 19- 37]، قالت قريش: زعمتَ يا محمد أنّا نُؤتَى كتبنا بشمائلنا؟! فعجِّل لنا قِطَّنا، يقولون ذلك تكذيبًا له.
قاله أبو العالية ومقاتل.
وفي المراد بالقِطِّ أربعة أقوال:
أحدها: أنه الصحيفة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
قال الفراء: القِطُّ في كلام العرب: الصَّكّ.
وقال أبو عبيدة: القِطُّ الكتاب، والقُطُوط: الكتب بالجوائز، وإلى هذا المعنى ذهب الحسن، ومقاتل، وابن قتيبة.
والثاني: أن القِطَّ: الحساب، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: أنه القضاء، قاله عطاء الخراساني، والمعنى أنهم لمّا وُعِدوا بالقضاء بينهم، سألوا ذلك.
والرابع: أنه النصيب، قاله سعيد بن جبير.
قال الزجاج: القِطُّ: النصيب، وأصله: الصحيفة يُكْتَب للإنسان فيها شيء يَصِل إِليه، واشتقاقة من قَطَطْتُ، أي: قَطَعْتُ، فالنَّصيب: هو القطعة من الشيء.
ثم في هذا القول للمفسرين قولان:
أحدهما: أنهم سألوه نصيبهم من الجنة، قاله سعيد بن جبير.
والثاني: سألوه نصيبهم من العذاب، قاله قتادة.
وعلى جميع الأقوال، إنما سألوا ذلك استهزاءً، لتكذيبهم بالقيامة.
{اصْبِرْ على ما يقولونَ} أي: من تكذيبهم وأذاهم، وفي هذا قولان:
أحدهما: أنه أُمِر بالصبر، سلوكًا لطريق ًاولي العزم، وهذا مُحْكَم.
والثاني: أنه منسوخ بآية السيف فيما زعم الكلبي.
قوله تعالى: {واُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ} في وجه المناسبة بين قوله: {إِصبر} وبين قوله: {واُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ} قولان:
أحدهما: أنه أمِرَ أن يتقوّى على الصَّبر بذِكْر قُوَّة داوُد على العبادة والطاعة.
والثاني: أن المعنى: عرِّفهم أن الأنبياء عليهم السلام مع طاعتهم كانوا خائفين منِّي، هذا داوُد مع قوَّته على العبادة، لم يزل باكيًا مستغفرًا، فكيف حالُهم مع أفعالهم.
فأما قوله: {ذَا الأيْدِ} فقال ابن عباس: هي القُوَّة في العبادة.
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَحَبُّ الصِّيام إلى الله صيامُ داوُدَ، كان يصومُ يومًا ويُفْطِر يومًا، وأَحَبُّ الصَّلاة إِلى الله صلاةُ داوُد، كان ينام نِصْفَ الليل ويقومُ ثُلثه وينامَ سُدسه».
وفي {الأوّاب} أقوال قد ذكرناها في [بني اسرائيل: 25].
{إِنّا سَخَّرْنا الجبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ} قد ذكرنا تسبيح الجبال معه في [الأنبياء: 79]، وذكرنا معنى العَشِيّ في مواضع مما تقدم، [آل عمران: 41] [الأنعام: 53]، وذكرنا معنى الإشراق في [الحجر: 73] عند قوله: {مُشْرِقِين}.
قال الزجاج: الإِشراق: طلوعُ الشمس وإِضاءتُها، وروي عن ابن عباس أنه قال: طَلَبْتُ صلاةَ الضُّحى، فلم أَجِدْها إِلاّ في هذه الآية.
وقد ذكرنا عنه أن صلاة الضُّحى مذكورة في [النور: 36] في قوله: {بالغُدُوِّ والآصال}.
قوله تعالى: {والطَّيْرَ مَحشُورَةً} وقرأ عكرمة، وأبو الجوزاء، والضحاك، وابن أبي عبلة: {والطَّيْرُ مَحْشُورَةٌ} بالرفع فيهما، أي: مجموعة إليه، تسبِّح اللهَ معه {كُلَّ له} في هاء الكناية قولان:
أحدهما: أنها ترجع إِلى داوُد، أي: كُلٌّ لداود {أَوَّابٌ} أي: رَجّاعٌ إِلى طاعته وأَمْره، والمعنى: كُلٌّ له مُطِيع بالتسبيح معه، هذا قول الجمهور.
والثاني: أنها ترجع إلى الله تعالى، فالمعنى: كُلٌّ مسبِّحٌ لله، قاله السدي.
قوله تعالى: {وشدَدْنا مُلْكَه} أي: قوَّيناه.
وفي ما شُدَّ به مُلْكُه قولان:
أحدهما: أنه الحَرَسُ والجنود؛ قال ابن عباس: كان يحرسُه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل.
والثاني: أنه هَيْبَةٌ أُلْقِيَتْ في قلوب الناس؛ وهذا المعنى مرويٌّ عن ابن عباس أيضًا.
قوله تعالى: {وآتيناه الحكمة} وفيها أربعة أقوال: أحدها: أنها الفَهْم، قاله ابن عباس، والحسن، وابن زيد.
والثاني: الصَّواب، قاله مجاهد.
والثالث: السُّنَّة، قاله قتادة.
والرابع: النُّبُوَّة، قاله السدي.
وفي فصل الخطاب أربعة أقوال:
أحدها: عِلْمُ القضاء والعدلُ، قاله ابن عباس، والحسن.
والثاني: بيان الكلام، روي عن ابن عباس أيضًا، وذكر الماوردي أنه البيان الكافي في كل غرض مقصود.
والثالث: قوله: {أما بعد} وهو أول من تكلَّم بها، قاله أبو موسى الأشعري، والشعبي.
والرابع: تكليف المدَّعي البيِّنة، والمدَّعَى عليه اليمين، قاله شريح، وقتادة، وهو قولٌ حسنٌ، لأن الخُصومة إنما تُفْصَل بهذا.
قوله تعالى: {وهل أتاكَ نبأ الخَصْمِ} قال أبو سليمان: المعنى: قد أتاكَ فاسْتَمِعْ له نَقْصُصْ عليكَ.
واختلف العلماء في السبب الذي امتُحِن لأجْله داوُد عليه السلام بما امتُحن به، على خمسة أقوال:
أحدها: أنه قال: يا ربِّ قد أعطيتَ إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذِّكْر ما لو ودِدْتُ أنَّك أعطيتني مِثْلَه، فقال الله تعالى: إِنِّي ابتليتُهم بما لم أَبْتَلِكَ به، فإن شئت ابتليتُكَ بِمثْلِ ما ابتليتُهم به وأعطيتُك كما أعطيتُهم.
قال: نعم.
فبينما هو في محرابه إذ وقعتْ عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت، فذهب ليأخذها، فرأى امرأة تغتسل، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال السدي.
والثاني: أنه مازال يجتهد في العبادة حتى بَرَزَ له قرناؤه من الملائكة وكانوا يصلُّون معه ويُسْعِدونه بالبُكاء، فلمّا استأنس بهم، قال: أَخْبِروني بأيِّ شيء أنتم موكَّلون؟ قالوا: مانَكْتُب عليكَ ذَنْبًا، بل نكتب صالح عملك ونثبِّتُك ونوفِّقُك ونَصْرِف عنك السُّوء.
فقال في نفسه: ليت شِعري، كيف أكون لو خلّوني ونفسي، وتمنَّى أن يُخَلّى بينه وبين نفسه ليَعْلَم كيف يكون، فأمر اللهُ تعالى قُرَناءَه أن يعتزلوه ليَعْلَم أنه لا غَناءَ به عن الله عزوجل، فلما فقدهم، جَدَّ واجتهد ضِعْفَ عبادته إلى أن ظَنَّ أنه قد غَلَب نَفْسَه، فأراد اللهُ تعالى أن يُعَرِّفَه ضَعْفَه، فأَرسَل إِليه طائرًا من طيور الجنة، فسقط في محرابه، فقطع صلاته ومَدَّ يده إليه، فتنحّى عن مكانه، فأَتْبَعَه بَصَرَه، فإذا امرأة أوريا، هذا قول وهب بن منبّه.
والثالث: أنه تَذاكرَ هو وبنو إسرائيل، فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذَنْبًا؟ فأضمر داودُ في نفسه أنه سيُطيق ذلك، فلمّا كان يوم عبادته، أغلق أبوابه وأَمَرَ أن لا يدخُل عليه أحد وأكبَّ على قراءه الزَّبور، فإذا حمامة من ذهب، فأهوى إليها فطارت، فتَبِعها فرأى المرأة، رواه مطر عن الحسن.
والرابع: أنه قال لبني إسرائيل حين ملك: واللهِ لأَعْدِلَنَّ بينكم، ولم يستثن، فابتُليَ.
رواه قتادة عن الحسن.
والخامس: أنه أعجبه كثرة عمله، فابتُليَ، قاله أبو بكر الورّاق.
الإِشارة إلى قصة ابتلائه:
قد ذكرنا عن وهب أنه قال: كانت الحمامة من طيور الجنة، وقال السدي: تصوَّر له الشيطان في صورة حمامة.
قال المفسرون: إِنه لمّا تبع الحمامة، رأى امرأة في بستان على شطِّ بِرْكَة لها تغتسل، وقيل: بل على سطح لها، فعجب من حسنها، فحانت منها التفاته فرأت ظِلَّه فنقضت شعرها، فغطىّ بدنها، فزاده ذلك إِعجابًا بها، فسأل عنها، فقيل: هذه امرأة أوريا، وزوجها في غزاة، فكتب داود إلى أمير ذلك الجيش أن ابعث أوريا إلى موضع كذا وكذا، وقدِّمه قبل التابوت، وكان مَنْ قُدِّم على التابوت لا يَحِلُّ له أن يرجع حتى يُفْتَح عليه أو يستشهد، ففعل ذلك، ففُتِح عليه، فكتب إلى داود يخبره فكتب إليه أن ابعثه إِلى عدوِّ كذا وكذا، ففُتح له، فكتب إليه أن ابعثه إِلى عدو كذا وكذا، فقُتل في المرَّة الثالثة، فلمّا انقضت عِدَّة المرأة تزوَّجها داوُد فهي أُمُّ سليمان، فلمّا دخل بها، لم يلبث إلا يسيرًا حتى بعث اللهُ عز وجل مَلَكين في صورة إنسيَّين، وقيل: لم يأته المَلَكان حتى جاء منها سليمان وشَبَّ، ثم أتياه فوجداه في محراب عبادته، فمنعهما الحرس من الدُّخول إليه، فتسوروا المحراب عليه؛ وعلى هذا الذي ذكرناه من القصة أكثر المفسرين، وقد روى نحوه العوفي عن ابن عباس، وروي عن الحسن، وقتادة، والسدي، ومقاتل في آخرين، وذكر جماعة من المفسرين أن داوُد لمّا نظر إلى المرأة، سأل عنها، وبعث زوجَها إلى الغَزاة مَرَّة بعد مَرَّة إلى أن قُتل، فتزوََّجَها؛ وروي مِثْلُ هذا عن ابن عباس، ووهب، والحسن في جماعة.
قال المصنِّف: وهذا لا يصح من طريق النقل، ولا يجوز من حيث المعنى، لأن الأنبياء منزَّهون عنه.
وقد اختلف المحقِّقون في ذَنْبه الذي عُوتب عليه على أربعة أقوال:
أحدها: أنه لمَا هَويهَا، قال لزوجها: تحوَّل لي عنها، فعُوتب على ذلك.
وقد روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: مازاد داوُد على أن قال لصاحب المرأة: أكْفِلْنِيهَا وتحوّلْ لي عنها؛ ونحو ذلك روي عن ابن مسعود.
وقد حكى أبو سليمان الدمشقي أنه بعث إلى أوريا فأقدمه من غَزاته، فأدناه وأكرمه جدًّا، إلى أن قال له يومًا: أنْزِلْ لي عن امرأتك، وانظُر أيَّ امرأة شئتَ في بني إسرائيل أزوِّجكها، أو أيَّ أَمَةٍ شئتَ أبتاعُها لكَ، فقال: لا أُريد بامرأتي بديلًا، فلمّا لم يُجِبْه إِلى ما سأل أمَرَه أن يَرْجِع إلى غَزاته.
والثاني: أنه تمنّى تلك المرأة حلالًا، وحدَّث نفسه بذلك، فاتفق غزوُ أوريا وهلاكُه من غير أن يسعى في سبب قتله، ولا في تعريضه للهلاك، فلمّا بلغة قتلُه، لم يَجْزَعْ عليه كما جَزِع على غيره مِنْ جُنْده، ثُمَّ تزوَّج امرأتَه، فعُوتب على ذلك، وذُنوبُ الأنبياء عليهم السلام وإن صَغُرَتْ، فهي عظيمةٌ عند الله عز وجل.